حاله ما

كلما مرت الأيام و تتالى العمر ..
يحس انه أبحر بقوة في خضم الحياة...
و صارت لديه مناعة كبيرة تجاه كل الأمراض..
تجاه كل الحوادث التي قد تصيبه...
و كلما زادت الحياة يوما ..
حمد الله أنه أصبح أقسى..
اقل تأثرا بكل شيء ..
لكن أحيانا تأتيه لحظات تريه انه مع كل ما يملك من قوة
الا أنه ضعيف جدا..
لحظات تعب شديدة..
تحيله من ساعي لكل شيء...
إلى زاهد في كل شيء ..
كل شيء ............ ......... ......... ......... ......... ......
لم أشأ أن اقتحم عليه عزلته و إن كان بين الكثيرين ..
لم أشأ أن اكسر له جمالية كانت تلفه بقوة ...
كان يقف متكئا على نافذة غرفة كبيرة..
مملوءة بالعشرات من البشر ..
يضم حضنه بكلا ساعديه كمن يحن على شيء في صميمه ..
أو كمن يتحاشى ظهور ألم داخلي للخارج...
عيناه الجميلتان الواسعتان السوداوية اللون ..
اللتان تبرقان ببريق الصدق و الحب...
معلقتان هناك في أبعد مكان في هذه السماء الفارغة ..
فارغة على غير العادة ...
لا بد انه الخريف أوان مهاجرة الطيور ..
التي لطالما تابع حركة أجنحتها في سمائه ............ ......... ........
كان يتكلم بصوت هادئ جميل كنغم الموسيقى ..
يتغنى بالحياة و قصص الحياة المحزنة ...
يتغنى بقلوب بيضاء ..
يتغنى بالخير الذي لا يلمسه إلا نادرا ..
يتغنى ..بما ندر ...
لكن دون كلمات ...
كان يسمع كل تلك الضجة المثارة حوله ..
كل سعي النهار المتخبط هنا و هناك ...
كل شيء..
لكن بأذنين لا تسمعان أي شيء ...
لملم كونه الجميل المحاط به ..
و اخترق العشرات كنسمة ربيعية لطيفة....
انسلت بهدوء...
دون أن يشعر بها أحد ...
إلا أصحاب القلوب المرهفة............ ......... ......... ....
أغلق كل الأبواب ..
هنا و هناك ..
أبواب عقله و قلبه و حتى روحه ..
أغلق أبواب الماضي و الحاضر و حتى المستقبل ...
أغلق أبواب الأيام و السنين ...
و اكتفى ..
اكتفى عن كل شيء ...
ربما هو يشبهك ...أو...يشبهني ...
يحتاج لوقت يزهد به عن كل شيء ..
عن كل شيء ..
عن كل الكون ..
عن كل السعي ..
عن كل الحب ..
عن كل التفكير ..
عن كل العمل ...
حتى عن نفسه ............ ......... ......... ......... ......
مع ربه ....و فقط ...